نشرة صحيفة الرويه مقال ل ناصر بن سلطان العامري يقول فيه
شهدت العديد من المحافظات واقعة تحدث لأول مرة بالسلطنة متمثلة في انقطاع كامل للكهرباء إثر عطل فني كما أعلن عنه والذي عم معظم المحافظات ومنها العاصمة مسقط وجاء الانقطاع الفجائي ليظهر عدم جاهزية شركات الكهرباء لمُواجهة مثل هذه الأزمات ذات التأثير الكبير التي تسببت في شلل لمعظم أوجه الحياة.
العبرة هنا ليست في الانقطاع، فهذا وراد الحدوث لا سيما في القطاعات الخدمية ولأسباب مرتبطة بأعطال فنية، ولكن أن تنقطع الكهرباء لقرابة نصف يوم فهذا ما لم نعتد عليه إطلاقا ومنذ أمد غير مذكور.
بيان هيئة تنظيم الخدمات العامة المعنون “بيان نهائي” لم يرتقِ لمستوى الحدث مقارنة بما أصاب المواطنين والمقيمين من صدمة والذين تفاجأوا بالانقطاع المفاجئ الذي لم يستعدوا له من الأساس، وبصراحة أراه بيانًا خجولًا جامدًا، ذاك الذي صدر من قبل الهيئة، وقد خلي حتى من صيغة الاعتذار اللائق للمتضررين من هذا الانقطاع.
ما حدث يجب أن لا يمر مرور الكرام من خلال إجراء تحقيق نزيه وجاد لمعرفة الأسباب وتحميل المتسببين في هذا الانقطاع المسؤولية الكاملة، والإعلان فيما بعد للملأ عن نتائج التحقيق وأسباب هذا الانقطاع والذي تسبب في حرمان المواطن والمقيم من قيلولته بعد يوم عمل شاق والطالب من نومه بعد يوم دراسي طويل؛ بل حرمهم من قضاء يومهم ونحن نعلم أهمية الكهرباء في هذا العصر وتسييرها لجل أمور الحياة.
فمن يدفع ثمن معاناة المريض الذي يعيش على الأجهزة الطبية المنزلية وانقطعت عنه الكهرباء أم من يعوض التاجر الذي فسدت بضاعته في البرادات وأقفل المحل مبكرا بخسارة تمثلت في شراء بضاعة جديدة عوضا عن تلك التي فسدت.. أم من يعوض رب الأسرة الذي يجوب الطرقات ليلاً بسيارته المكيفة لينام فيها أطفاله، وآخرون كانت سياراتهم جاثمة أمام منازلهم وهي تعمل طوال الليل بعد أن أصبحت مأوى للعائلة صابرين منتظرين على أمل عودة التيار الكهربائي والتنعم بالإضاءة ونسمات هواء المكيف الباردة؟ أم ذاك الذي يبحث عن الثلج في هذه الأجواء الحارة كبحثه عن إبرة في كومة قش لتوفير الماء البارد لأسرته؟
تعود بنا الذاكرة هنا لحقبة السبعينات عند رؤية تلك المشاهد الليلية لأغلب الولايات وهي تغط في ظلام دامس يسوده السكون سوى من ضجيج السيارات التى تجوب الطرقات أو صراخ الأطفال العاجزين عن النوم مقابل مناطق أخرى منعمة أعيدت إليها الكهرباء في ساعات قليلة وترك المجال لتأويلات عدة لماذا هؤلاء دون سواهم؟! وهو الأمر الذي يجب أن يوضح من قبل الجهات المعنية فيما بعد؟
بقدر ما يهمنا معرفة سبب العطل الذي ضرب مساحات كبيرة من السلطنة بقدر ما يهمنا معرفة سبب فشل معالجة الأمر سريعا والتأخير الكبير في إرجاع التيار الكهربائي والأهم معرفة ماهي الخطط المستقبلية لمواجهة ما قد يحصل من انقطاعات لتلافي ما حصل أو الأقل التخفيف مما قد يحصل من أضرار.
نحن في القرن الحادي والعشرين عصر التقنية واستحداث البدائل والخطط البديلة، ولذا يحب التفكير مليا وبجدية أكبر من ذي قبل في استخدام طاقة بديلة كالطاقة الشمسية عوضا عن الكهربائية من جانب المؤسسات الحكومية للقطاعات الخدمية مثل المستشفيات ومراكز الشرطة والإسعاف والمطافي أو التجارية منها كالمولات ومراكز التسوق والعيادات الخاصة ومحطات البترول أو حتى طرحها للعامة في حال كانت تكلفتها في متناول اليد.
باختصار.. يجب الاستفادة مما حدث وجعله ضمن الدورس والعبر ودراسة الحادثة بشكل مستفيض ومن كافة الجوانب والأبعاد، ويا حبذا لو يتم التفكير في تعويض المواطن بشكل يتناسب جراء ما تعرض له نتيجة انقطاع التيار الكهربائي وهذا أقل ما نقدمه له نتيجة عدم استقرار أوضاعه بالأمس وضياع جُلّ يومه.
المصدر