ألقت جائحة كورونا “كوفيد- 19” وما يشهده العالم من تغيرات جيوسياسية بظلالها على جميع مناحي الحياة، وخاصة فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية التي تعتبر تحديا كبيرا للحكومات والأفراد في مختلف دول العالم، إذ تأثر المستهلكون بالزيادات الكبيرة في أسعار المنتجات والخدمات، الأمر الذي مثل لهم تحديًا أثَّر على مستوى المعيشة.
ويؤكد اقتصاديون أن مواجهة تحديات التضخم وارتفاع الأسعار تحتاج إلى اتخاذ إجراءات حكومية بالإضافة إلى وعي مجتمعي حول ثقافة الاستهلاك حتى يتمكن الأفراد من تلبية متطلبات حياتهم المعيشية، في ظل وجود الكثير من الأسباب التي تساهم في تكرار ارتفاع الأسعار يوما بعد يوم.
ويرى الباحث الاقتصادي مازن العبري أن ارتفاع أسعار السلع تعاني منه المجتمعات في مختلف الدول وليس في الوطن العربي فقط، خاصة بعد جائحة كورونا التي أثرت على الأوضاع الاقتصادية العالمية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية وغير الغذائية، مشيرا إلى أن معاناة المجتمع مع هذه المشكلة تتفاقم في كل مرة تزيد فيها الأسعار خاصة وأن هذه الزيادة لا يقابلها زيادة في الأجور والرواتب.
ويضيف: “هذه المعاناة بسبب ارتفاع الأسعار وعدم زيادة الرواتب والأجور، تتسبب في تراجع القدرة الشرائية وعدم تمكن الأشخاص من الحفاظ على مستوياتهم المعيشية، فتنخفض قيمة المال الذي يمتلكه كل فرد”، لافتا إلى أن من أسباب التضخم وزيادة أسعار السلع، هو ارتفاع أسعار الطاقة على مستوى العالم، ووقف الدعم المادي الذي كانت تقدمه الحكومات للشركات والأفراد للتخفيف من آثار جائحة كورونا، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة وتقلبات الطقس وتعرض الدول للأعاصير والحالات المدارية المختلفة، الأمر الذي يؤثر على سلاسل الإمداد العالمية وتلف الكثير من المحاصيل الزراعية وإغلاق العديد من المصانع والشركات.
ويبيّن العبري أنَّ من أسباب ارتفاع الأسعار في سلطنة عمان فرض الحكومة الضرائب على السلع المستوردة، موضحًا: “يؤدي فرض الضرائب إلى زيادة تكلفة السلع وبالتالي ترتفع الأسعار النهائية للمستهلكين، وقد تكون الضرائب عبئًا إضافيًا يتحمله المواطنون ويؤثر على قدرتهم على شراء السلع الأساسي”.
ويذكر أسامة البلوشي- إعلامي مهتم بمجال الاقتصاد- أن مشكلة ارتفاع الأسعار هي مشكلة عالمية وليست محلية، إذ إنها تؤثر على حياة الناس واستهلاكهم، مطالبا بضرورة توفير الظروف الملائمة لارتفاع الأسعار مثل زيادة أجور العاملين حتى لا تتأثر الأسر وتقابلهم تحديات عدم القدرة على تلبية احتياجاتهم الأساسية.
ويعتبر أن من بين أسباب زيادة الأسعار زيادة تكاليف الإنتاج وارتفاع أسعار الوقود وكذلك التغيرات المستمرة في العرض والطلب، مبيّناً أن هيئة حماية المستهلك تتحمل جزءا من المسؤولية ويجب تعزيز دورها في عملية تتبع أسعار السلع وجودتها حتى لا يتم التلاعب في أسعار المنتجات بما يزيد العبء على المواطنين.
ويوضح البلوشي أن قيام بعض الشركات المصنعة برفع الأسعار بشكل مفاجئ قد يتسبب في تبني حملات لمقاطعة منتجات هذه الشركة ويسبب لها خسائر مالية كبيرة بعد أن يمتنع المستهلكون عن شراء هذه المنتجات سواء كانت محلية أو مستوردة، منوهًا إلى ضرورة بناء جدار ثقة بين الشركات المحلية والمستهلكين وعدم رفع أسعار منتجاتهم حتى يقبل المواطنون على المنتج المحلي.
ومن جانبه، يقول سيف العبري: “بعد جائحة كورونا وما خلفته من آثار اقتصادية، أرتأت حكومتنا الرشيدة فرض الضرائب الأمر الذي ترتب عليه ارتفاع أسعار السلع، وكل ذلك يعد من التحديات التي تواجه المواطنين”.
كما يطالب بأن تتخذ الحكومة الإجراءات اللازمة لتخفيف الضغط على المواطنين من خلال تخفيض الضرائب ورسوم الخدمات وخفض أسعار السلع والمنتجات الأسياسية، وتكثيف الرقابة على المحلات التجارية لمنع الاحتكار ومراقبة التجار الذين يتحكمون في أسعار السوق، ودعم الإنتاج المحلي من خلال دعم المزارعين ومربي المواشي، وإعادة تقييم المعاشات التقاعدية بما يتواءم والأحداث والمتغيرات الحالية.
ويؤكد أنه على المواطنين أن يكونوا أكثر وعياً ويتخذوا التدابير اللازمة لمواجهة تحديات زيادة الأسعار، وأن يقتصد في الاستهلاك وشراء الأساسيات والضروريات فقط، والحرص على التسوق وفقًا لميزانية محددة وإعداد قوائم مسبقة بأهم الاحتياجات.
شارك الموضوع ليستفيد الجميع